كلمة الرعيل الأول

 

أ.د. حكمت عبد العباس العاني

 

دور كلية الزراعة (الام الولود ) للإسهام في تحقيق شعار

(الزراعة نفط العراق الحقيقي والمبارك)


أن دور كلية الزراعة في تطوير الواقع الزراعي في العراق بعد ان تأسست عام 1952م من القرن الماضي يمكن ان نوثقه بالاستناد الى اهم كتاب صدر في العراق للخبير الانكليزي ايفان كيست عام 1933م والموسوم (ملاحظات عن النباتات ومنتجاتها واسمائها المحلية في العراق) والذي ترجم الى العربية عام 2015م لأهميته العلمية والزراعية التاريخية من قبل دائرة فحص وتصديق البذور التابعة لوزارة الزراعة (المعشب الوطني) ومن خلال دراسة المعلومات الزراعية فيه يمكن التعرف على حجم التقدم العلمي الذي صاحب تأسيس الكليات الزراعية والمعاهد والاعداديات الزراعية أي بعبارة اخرى المؤسسات العلمية الزراعية وفي مقدمتها كلية الزراعة – جامعة بغداد.

إن أول درجة ماجستير منحت في جامعة بغداد كانت من كلية الزراعة عام 1963- 1964م حيث قام السيد رئيس الجمهورية في حينها المرحوم عبد السلام عارف بتقديم هدية تذكارية للطالب في ساحة الكشافة وذلك بحضور رئيس الجامعة الاستاذ الدكتور المرحوم عبد العزيز الدوري وعميد كلية الزراعة الاستاذ الدكتور حسين يوسف العاني وكانت كلية الزراعة من الكليات القلائل التي قبلت الطلبة لدراسة الماجستير في عام 1961م وكاتب المقال الحالي يعد اول خريج من داخل العراق ومن كلية الزراعة والحمد لله رب العالمين.

وقد توالت اسهامات التدريسيين في كلية الزراعة في العديد من اللجان في وزارتي الزراعة والصناعة اضافة الى وزارات ومؤسسات اخرى وكان لهم دور ريادي في خدمة المجتمع وأصبح شعار الزراعة نفط دائم ومورد احيائي متجدد يتبناه كل العلميين المخلصين في العراق.

وكان لكلية الزراعة الدور الرئيسي في تأسيس البحوث التطبيقية الزراعية المرتبطة بالمجلس الزراعي الاعلى (الملغى) وكانت الفرق العلمية الجامعية تقوم بجولات علمية دورية الى المزارع الحكومية والمختلطة والخاصة لتقديم المشورة وإقامة الدورات والدراسات ومعالجة المشاكل الزراعية التي تظهر والتي يعاني منها القطاع الزراعي وكانت كلية الزراعة التي ترعى هذه الفرق العلمية.

إن من المشاكل التي جابهت خطط التدريسيين من كليات الزراعة هي عدم الأخذ بالمقترحات العلمية ومنها المتعلقة بدعم المنتجات الزراعية التي يطرحها المزارعون وغيرهم، وإن قررت السياسة الزراعية يصدرها أشخاص من السياسيين ليس لهم علاقة بالاختصاصات الزراعية ولا الكفاءة العلمية والممارسة والخبرة، كما ان هناك تساؤلات عن هذه القرارات المتعلقة بالسياسة الزراعية للقطاع الزراعي وعدم الاستماع للآراء العلمية من التدريسيين في الكليات الزراعية وعلى سبيل المثال المطالبة بدعم المنتجات الزراعية حيث كان سعر كيلو التمر (25) خمسة وعشرون فلس فقط تشتريها مصلحة التمور الحكومية مما ادى الى الكارثة الكبرى التي حلت في نخيل العراق، وان سعر طن الحنطة (30) ثلاثون دينار فقط مما ادى الى ترك الفلاحين الريف وهجرتهم للمدن والنتيجة حدثت المأساة في تملح التربة وأصبحت الأراضي الخصبة أراضي سبخة خالية من السكان وهذه مجرد أمثلة على عدم الدعم للمنتجات الزراعية وتوفير مستلزمات الإنتاج والتسويق بالرغم من المحاولات المتعددة للتدريسيين في كلية الزراعة.

واستمرت كليات الزراعة والمعاهد والاعداديات الزراعية  بالعطاء بالرغم من المعوقات فأصبحت هناك البيوت والأنفاق البلاستيكية وحقول الدواجن والأبقار وغيرها، وساهمت كلية الزراعة بتخريج اصحاب الشهادات العليا من ماجستير ودكتوراه من خلال دراسة مسائل ومشاكل علمية في داخل البلاد وهذا الدليل يزودنا بالأعداد وهذا يوفر العملة الصعبة إضافة الى معالجة مشاكل القطاع الزراعي وهذا لا يعني بأننا لا نرسل البعثات الى الخارج  ولكن تكون هذه وتلك على قدم وساق لأجل مستقبل زراعي للعراق الحبيب.

بالرغم من كل المحاولات الخفية والمعروفة لأبعاد الاستراتيجية الواعدة بجعل القطاع الزراعي هو حجر الأساس في التقدم في الصناعة والتجارة وتحقيق العدالة الإجتماعية في الريف بحيث يكون الريف مشابه لخدمات المدينة إن لم يكن أفضل منها كما حدث في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية فإن القطاع الزراعي يحاول أن يبذل الجهود لتجاوز المؤامرات.

أن تقييم دور كلية الزراعة في جامعة بغداد والتي تعتبر الأم الولود لبقية الكليات الزراعية وأقسام علوم الحياة في العراق وكذلك في بعض الدول العربية وكذلك من خلال فتح أبوابها للأشقاء من الطلبة العرب للدراسة فيها والتخرج منها، والكثير لربما لايتحسس مدى إسهام كلية الزراعة في تطوير العديد من المجالات الزراعية وذلك لأن التطور الزراعي يسير بخطى تدريجية وعلى نطاق واسع وهو ليس كبناء شامخ يفخر به الأساتذة المهندسون أو مستشفى كبرى يتفاخر بها الأساتذة الأطباء بالرغم من كل اعتزازنا بجهودهم الخيرة ولكن القطاع الزراعي بأبعاده الكثيرة في الثروة الحيوانية المتعددة والثروة النباتية المتنوعة وصناعات الألبان والصناعات الغذائية والمجال الإقتصادي والتسويقي والإرشادي ووقاية النباتات من الآفات والكيمياء الزراعية وهندسة المكائن الزراعية والأبعاد البيئية الإحيائية وتطور المجتمع وغير ذلك من أمور متعلقة بالأمن الغذائي للدولة وكل المجالات الأكاديمية والتطبيقية ذات العلاقة بالتطور المنشود تعتبر من ضمن مهام هذا الصرح العلمي الشامخ الذي لايزال يتطور منذ منتصف القرن الماضي ويتقدم مع تطور العلوم في القرن الواحد والعشرين.

والأمل عند كل المخلصين في ان تتكون جامعة زراعية للدراسات العليا في ابوغريب إضافة الى الكليات الزراعية الاخرى  وأن يتم الأخذ بالمقترحات العلمية لأجل إعادة العراق ما يعرف بأرض السواد لشدة الخضرة وتظليل الأشجار ومنها أشجار النخيل التي من فوائدها التي لا تحصى وهي الرمز الخالد للإنسان العراقي.

إن إشراك الخريجين وأصحاب الشهادات العليا في نهضة زراعية حقيقية في المزارع الحكومية والمختلطة والخاصة وإنشاء التعاونيات للخريجين وأصحاب الشهادات العلمية ودعمهم بكبر ماتعني هذه الكلمة من معاني ضمن خطة استراتيجية تجعل للزراعة الدور المتميز في موارد ميزانية الدولة، إن التطور بالصناعات الزراعية إضافة الى الإنتاج النباتي والحيواني وغير ذلك من المجالات العديدة والمتنوعة للقطاع الزراعي سيتحقق يوما وما يتحول من تمنيات الى واقع ملموس بعون الله تعالى ورحمته.

(ومن الله التوفيق والسداد)

 

جميع الحقوق محفوظة © لـصالح دليل كلية الزراعة جامعة بغداد منذ ـاسيسها عام 1952 الى عام 2016

وحدة الاعلام والعلاقات العامة 2016